القدس المحتلة - المغرب اليوم
في صباح ربيع هادئ من يوم التاسع من مايو/أيار 2025، انطلق فريق بي بي سي الصحفي من دمشق صوب بلدة نوى في محافظة درعا جنوب سوريا، في رحلة استهدفت إعداد تقرير شامل عن جهود الحكومة السورية الجديدة، برئاسة أحمد الشرع، لإعادة بناء الجيش السوري بعد انهياره وتراجع قدراته عقب فرار بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2023، بالإضافة إلى توثيق السيطرة الإسرائيلية على مناطق في جنوب سوريا، وخاصة مرتفعات الجولان والقنيطرة.
تكوّن الفريق من سبعة أفراد: مراسل بي بي سي الخاص فراس كيلاني، اثنان من مكتب بي بي سي في بغداد يحملان الجنسية العراقية، وأربعة سوريين من بينهم مصور بي بي سي في دمشق. ومن نوى، تحرك الفريق نحو بلدة الرفيد الحدودية قرب مقر قوات الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك (الأندوف)، حيث حاولوا الحصول على تصريح بالتصوير داخل المقر أو تنظيم جولة مع القوة الدولية، لكنهم رفضوا بسبب استفسار الجانب الإسرائيلي عن هويتهم.
واصل الفريق جولته في المنطقة التي بدت خالية من التمركز السوري، بينما تركز الوجود الإسرائيلي على نقاط مراقبة دائمة في المناطق المرتفعة. وبعدها توجه الفريق شمالاً بمحاذاة الحدود صوب مدينة القنيطرة، إلا أن الطريق كان مغلقًا من الجانب الإسرائيلي، ما اضطرهم إلى سلوك طرق بديلة.
على بعد مئتي متر من القنيطرة، لاحظ الفريق حاجزًا شبيهًا بحواجز الضفة الغربية، يتكون من كتلتين إسمنتيتين وعارضة حديدية تحمل العلم الإسرائيلي، مع وجود دبابات ميركافا. عند الحاجز، أوقف الجنود الإسرائيليون الفريق فجأة، وأحاطوا بهم ببنادق موجهة نحوهم، وصادروا كافة معداتهم وكاميراتهم وهواتفهم.
نُقل الفريق إلى الجانب الآخر من الحاجز، وتم تفتيشهم بدقة تحت مراقبة دورية عسكرية إسرائيلية. خلال التحقيق الذي استمر لأكثر من سبع ساعات، تعرض أعضاء الفريق لعمليات استجواب مفصلة، حيث تم تقييد أربعة منهم وتعصيب أعينهم، في حين عامل قائد الفريق فراس كيلاني معاملة مختلفة بعد نقاش بين أفراد المجموعة، إذ لم يتم تقييده أو تعصيب عينيه.
خلال التحقيق، أُجبر فراس على خلع ملابسه وفحصه بدقة، وسُئل عن تفاصيل حياته الشخصية وعائلته، في محاولة لزيادة الضغط النفسي. بعد انتهاء التحقيقات، هدد الجنود الفريق بعدم الاقتراب مجدداً من الحدود الإسرائيلية، وأكدوا لهم أنهم مسحوا كل الصور والفيديوهات التي التقطوها، مع تهديدهم بأنهم يعرفون كل تفاصيلهم وسيلاحقونهم إذا تم نشر أي محتوى مخفي.
بعد ساعات من الاعتقال، تم إطلاق سراح الفريق في منطقة ريفية نائية خارج القنيطرة، حيث تركوا مع حقيبتهم التي تضم هواتفهم المحمولة، دون تغطية هاتفية أو إنترنت، واضطروا للبحث عن طريق العودة إلى دمشق وسط تحذيرات من الأطفال المحليين حول خطر نيران إسرائيلية محتملة في المنطقة.
قدمت بي بي سي شكوى رسمية إلى الجيش الإسرائيلي احتجاجًا على طريقة اعتقال فريقها، إلا أنها لم تتلق أي رد رسمي حتى الآن.
هذا الحادث يسلط الضوء على التوترات المستمرة على الحدود السورية الإسرائيلية، والتحديات التي تواجه الإعلاميين الصحفيين في تغطية الصراعات الإقليمية، خاصة في المناطق الحدودية الحساسة التي تشهد توترات عسكرية وأمنية متزايدة.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر