الطوبية من أشهر طرق تشييد البيوت في شرق المغرب
آخر تحديث GMT 10:37:47
المغرب اليوم -

لاستقرار العرسان وميزتها الدفء شتاء والبرودة صيفًا

"الطوبية" من أشهر طرق تشييد البيوت في شرق المغرب

المغرب اليوم -

المغرب اليوم -

بناء البيوت في شرق المغرب
الرباط - يوسف حمادي

لما كان العارف بأسرار البدو والحضر، العلامة عبد الرحمن ابن خلدون، يعدد في مقدمته فصائل تاريخ العمران، وطبائع الأقوام والسكان، وأسرار البحار والوديان، ويحكي عن عادات وتقاليد أهل بلاد العجم والعربان، كان الإنسان العربي يعانق الأرض مزارعًا ناجحًا، وتاجرًا فالحًا، في مصر والعراق وسورية، وكل البلاد العربية.

وكانت السودان هبة النيل، وسلة زاد العرب، كما يصفها المؤرخون الاقتصاديون، يوم كانت حول العالم تنمو حضارات إنسانية على أسس معمارية شعارها تشييد البيوت للناس ملاذًا يقيهم شدة برد الشتاء وحرارة الصيف، وصل إلى المغرب مجموعات من الحرفيين المبدعين، والعمال الحاذقين، لهم خبرة في بناء الدور وتشييدها، " المغرب اليوم " حققت في البناء بـ" الطوبية لإفادة قرائها .

لقد كان للسودانيين في عهد السلطان مولاي إسماعيل، أحد سلاطين العلويين في المغرب، خبرة يصنعون بها ما يعرف بـ "الطوبية " أو "التابية "، أو "الطابية "، وكلها أسماء للبنة واحدة تصنع من التراب المعجون بطريقة عجننا للخبز، ولقلة الأدوات كانوا يستعينون بأرجلهم وأيديهم لعجنها، فبعد غربلة التراب جيدا بغرابيل يدوية يرُجها عاملان بينهما، بها ثقوب تفصل التراب عن الحصى، ثم بعد جمع الكافي من التراب لإعداد "العجنة"، التي هي عبارة عن عجين ترابي، يقوم المعلم؛ كبير البنائون، بسقيه كومة التراب بالماء بمقدار، بينما العاملين أمامه يقلبان العجين أرضًا حتى يتماسك ويشد بعضه بعضًا.

وفي تصريح لـ " المغرب اليوم "، يؤكد " الحاج مسعود "، وهو من البنائين المهرة القدامى ذوي الأصول السودانية،  أن عجين التراب وحده لا يكفي لإعداد "التابية "، بل يضاف إليه التبن، خصوصًا وأن عملية البناء كانت تتم في فصل الصيف، مباشرة بعد الحصاد وجمع المحصول الزراعي، فغالبًا ما كان يتم ذلك البناء استعداد لتزويج عائلة لابنها، حيث أنهم من حقل الحصاد يُجمع التراب والتبن الكافيين لصانعة لبنات التابية، وبعد عجن العجين المخلوط بالتبن، وقولبته على شكل لبنات متفاوتة الطول والعرض في قوالب خشبية، أصغرها بمقاس 20 سم على 15، وأكبرها قد يصل إلى الثمانين سنتيمترًا.

وإعمال التبن المخلوط بعجين التراب يفيد لبنة الطوبية، ويمنع تسرب الماء إلى عمقها فيسهل تفتيتها، فالتبن واق يحفظ التابية مدة طويلة من الزمن، مثلما حُفظت الحصون والقلاع و"الحوش " والدور في المناطق المغربية بـ "أرفود " والريصاني " و"محماميد الغزلان"، وأوضح مسعود، الذي كان طفلًا صغيرًا بين المٌعلمين البنائين، وضمنهم جده ووالده، يشاهد البنائيين يعجنون ويرفسون التراب بأرجلهم، ثم يخلطونه بقليل من التبن لإنضاجه فتتماسك تربته، بل منهم من كان يصب طينه المخلوط بالتبن مباشرة وسط قوابل خشبية طويلة مشدودة إلى أساسات الجدران، ثم يقوم البناء بتركيزه وسط تلك القوالب الطويلة بآلة يدوية تسمى " المركز " الذي يُدق به الطين وسط الأساسات حتى يغدو صلبًا مُركزًا متماسكًا يصعب كسره، "وكم من البيوت و"الحُوش" والقصبات بنيناها بالتابية قبل تعرفنا على الإسمنت". 

وما صرح به الحاج مسعود، الذي بنى هو وأولاده وأحفاده العديد من الدور في الجنوب المغربي، يؤكده الدكتور حسن تاوشيخت، الخبير في شؤون المعمار التاريخي، موضحًا أن المواد التي استخدمت في تشييد القصور والقصبات الفيلالية، نسبة إلى منطقة " تافيلالت " في إقليم الراشيدية، جنوب شرق المملكة المغربية، سواء منها المندرسة أو الباقية، شبيهة بتلك التي استعملت في بناء مدينة "سجلماسة "، التي اعتمدت أساسًا على " الطابية " والحجارة والآجر والجبس والخشب ..، أما "التابية " فتتكون من تربة صلصالية متماسكة ذات لون أحمر- بني، تستخدم في بنائها على تراب طيني، يعتمد في تركيبها على اللوح والمركاز، وعلى ميزان الخيط لضبط استقامة الجدار، مضيفًا أن التابية استعملت في بناء الجدران الخارجية والداخلية، واعتمدت في تشييد " أقدم القصور في تافيلالت، بينما زينت أبراجها وحصونها بزخرفة خاصة من الطوبية المشمسة ذات تنسيق دقيق ووحدة كبيرة " .

وبينما "العرب اليوم" في طريقها إلى مهرجان موسيقى الصحراء في إقليم الراشدية، ذات يوم، بدعوة من الدكتور مصطفى تيليوا، الأستاذ الباحث في التاريخ والأنتروبولوجيا الثقافية، جلسنا في مطعم لتناول وجبة الغذاء المعروفة في منطقة "أرفود "، التي تعد بلحم الغنم والملوخية، ولها طعم سحري من أسرار الطبخ المُتبل المشهي، المعروف به المطبخ المغربي الصحراوي، وكان الفصل صيفًا حارًا منعنا عن مغادرة مبنى المطعم لبرودته، حتى ظننا من فرط برودة المكان، أن المطعم به مكيفات هوائية شديدة ارتفاع درجات التبريد، لكن المفاجأة كانت عندما سألت النادل عن سر برودة المكان، فأسر لي أنها برودة كامن سرها في بناء المطعم بطريقة "التابية "، التي تبنى بها جل الدور والقلاع بالمنطقة الصحراوية هناك بتافيلالت المغربية، ذات الغرف الباردة صيفًا، والدافئة شتاء.

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطوبية من أشهر طرق تشييد البيوت في شرق المغرب الطوبية من أشهر طرق تشييد البيوت في شرق المغرب



نقشات الأزهار تزين إطلالات الأميرة رجوة بلمسة رومانسية تعكس أناقتها الملكية

عمّان - المغرب اليوم
المغرب اليوم - نافبليو جوهرة يونانية تنبض بالجمال والتاريخ والسكون

GMT 10:06 2017 الإثنين ,05 حزيران / يونيو

"Funny Sex" يقدم الطعام والأدوات على شكل أعضاء جنسية

GMT 16:06 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 23:36 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

اغتصاب طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة بتطوان بطريقة بشعة

GMT 03:59 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

سرقة محتويات سيارات توقع بشابّين في قبضة الأمن

GMT 07:29 2019 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

فوائد قشور جوز الصنوبر في زيادة تحمل الجسم

GMT 09:04 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

فيليبينية تفوز بلقب "ملكة جمال الكون" للعام 2018

GMT 16:28 2018 الأحد ,09 كانون الأول / ديسمبر

النيابة العامة تتوعّد منتهكي الحياة الخاصة للمغاربة

GMT 18:26 2018 الجمعة ,21 أيلول / سبتمبر

المغرب الفاسي يفتح باب الانخراط

GMT 10:24 2018 الإثنين ,02 تموز / يوليو

تمتعي بعطلة فريدة ومميزة على ثلوج النمسا

GMT 01:02 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

استعملي الصناديق الخشبية الخاصة بالفواكه لتزيين حديقتك

GMT 15:45 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

الغموض يحيط بملف الإنخراط داخل نادي الوداد الرياضي

GMT 18:22 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

افتتاح معرض للمصغرات والتراث الشعبي والفلكلور البغدادي

GMT 21:55 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

عرض أولى حلقات مسلسل "لأعلى سعر" على "cbc" الثلاثاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib