في ظل تصاعد التوترات الغربية مع موسكو، دعت الولايات المتحدة حلفاءها الأوروبيين إلى وقف شراء النفط والغاز الروسيين كشرط لممارسة مزيد من الضغط الاقتصادي على روسيا. وأكد وزير الطاقة الأميركي كريس رايت، في مقابلة مع صحيفة "فاينانشال تايمز"، أن استمرار تدفق الأموال من تجارة الطاقة مع روسيا يمول ما وصفه بـ"آلة الحرب الخاصة ببوتين"، مشيرًا إلى أن تشديد العقوبات الأميركية مرهون بخطوات أوروبية مماثلة.
وأوضح رايت أن على دول الاتحاد الأوروبي التحول إلى شراء الغاز الطبيعي المسال، والبنزين، ومنتجات الطاقة الأحفورية من الولايات المتحدة، في إطار اتفاقية التجارة الأميركية–الأوروبية التي تنص على شراء طاقة أميركية بقيمة 750 مليار دولار حتى نهاية عام 2028. وأكد أن اعتماد أوروبا على موارد الطاقة الأميركية سيوفر لها أمانًا واستقرارًا أكبر، مقارنة بالاعتماد على خصوم سياسيين كروسيا.
وقال الوزير الأميركي: "إذا أعلن الأوروبيون بوضوح أنهم لن يشتروا مزيدًا من الغاز أو النفط الروسي، فسيكون لذلك تأثير إيجابي كبير على استعداد الولايات المتحدة لتشديد العقوبات. هذا سيعود بالنفع الاقتصادي على أوروبا، وسيساهم في تحقيق الهدف المشترك، وهو إنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا".
وأضاف رايت أن صادرات روسيا من النفط والغاز هي المصدر الأساسي لتمويل عملياتها العسكرية، وأن وقف تلك الصادرات إلى أوروبا سيكون له أثر مباشر في تقليص قدرتها على الاستمرار في الحرب.
من جهته، أكد وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت في تصريحات تلفزيونية أن واشنطن مستعدة لزيادة العقوبات على روسيا، "شريطة أن تُظهر أوروبا التزامًا جديًا بالمثل"، في إشارة إلى الإحباط الأميركي من التردد الأوروبي بشأن الحظر الكامل للطاقة الروسية.
ورغم انخفاض واردات أوروبا من الغاز الروسي من 40% في عام 2022 إلى نحو 14% في عام 2024، فإن بيانات مركز الأبحاث "Ember" تشير إلى أن تلك النسبة شهدت زيادة بنسبة 18% مقارنة بعام 2023، ويرجع ذلك إلى ارتفاع واردات الغاز الطبيعي المسال من روسيا.
وتواجه جهود الاتحاد الأوروبي لوقف الاعتماد على الغاز والنفط الروسيين بحلول عام 2028 تحديات سياسية واقتصادية داخلية، خصوصًا من جانب دول مثل المجر وسلوفاكيا التي تواصل شراء الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب بأسعار أقل من السوق العالمية.
ومن المقرر أن يلتقي وزير الطاقة الأميركي يوم الأربعاء المقبل مفوض الطاقة في الاتحاد الأوروبي دان يورجنسن لبحث خطة أوروبا للتخلص من الاعتماد على الطاقة الروسية، وسبل تنفيذ اتفاق شراء 250 مليار دولار سنويًا من المنتجات الأميركية. كما سيلتقي أعضاء في البرلمان الأوروبي، الذين عبّر عدد منهم عن رغبتهم في إعادة التفاوض على الاتفاق التجاري لما يرونه من انحياز لصالح الولايات المتحدة.
إلى جانب ذلك، أثارت تصريحات رايت جدلًا واسعًا بسبب انتقاده الحاد لسياسات المناخ الأوروبية، التي وصفها بأنها "مبالغ فيها وتشكل تهديدًا خطيرًا لتنفيذ الاتفاق التجاري". وأشار إلى أن آليات مثل "تعديل الكربون على الحدود" وتنظيمات خفض انبعاثات الميثان، ستخلق ما سماه "مخاطر قانونية ضخمة" أمام الشركات الأميركية المصدّرة للوقود الأحفوري إلى أوروبا.
وقال رايت: "إذا لم تجرِ تعديلات جذرية على هذه السياسات، فسيفشل الاتفاق التجاري بالكامل. الحياد الكربوني المستهدف بحلول عام 2050 هو كارثة بكل المقاييس، وبرنامج ضخم لإفقار البشر، ولن يتحقق في نهاية المطاف".
وكان الرئيس دونالد ترامب قد أصدر قرارًا في يناير الماضي بسحب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ، في خطوة أثارت انتقادات واسعة من قبل الدول الأوروبية والمنظمات البيئية.
وفي المقابل، تواصل المفوضية الأوروبية العمل على صياغة قوانين لوقف استيراد الغاز الروسي نهائيًا بحلول 2027، مع مقترحات لحظر إبرام أي صفقات جديدة قبل نهاية العام الجاري، رغم التحديات القانونية والمعارضة من بعض الدول الأعضاء.
كما يدفع الاتحاد الأوروبي لتسريع عملية التحول إلى الطاقة المتجددة، التي تشكل نحو ربع إجمالي استهلاك الطاقة، وسط تحذيرات من أن أي تراجع عن أهداف إزالة الكربون قد يشجع دولًا أخرى على التباطؤ في التزاماتها المناخية.
وختم رايت تصريحاته بالتعبير عن قلقه من تراجع دور أوروبا في العالم، قائلاً: "أنا من محبي بريطانيا وأوروبا، لكن ما نراه الآن هو تراجع في التأثير الدولي، وضعف في قدرة القارة على أن تكون حليفًا قويًا للولايات المتحدة، وتقلصًا في الفرص الاقتصادية لمواطنيها".
قد يهمك أيضــــــــــــــا
ترامب يعاقب الهند برفع الرسوم بسبب "النفط الروسي"
بنيامين نتنياهو يؤيد رفع العقوبات الأميركية عن إيران بشروط صارمة
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر