النهايات السعيدة في السينما تتأرجح بين تنفيس المعاناة وتزييف الواقع
آخر تحديث GMT 20:10:06
المغرب اليوم -

النهايات السعيدة في السينما تتأرجح بين تنفيس المعاناة وتزييف الواقع

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - النهايات السعيدة في السينما تتأرجح بين تنفيس المعاناة وتزييف الواقع

السينما المغربية
الرباط - المغرب اليوم

شكلت فكرة النهايات السعيدة في السينما جدلا واسعا بين فريقين، الأول ينتصر لها باعتبارها تشكل طقوسا تفاؤلية وتخلق حالات من الفرح والتنفيس مما يعانيه الإنسان من صعوبات الحياة؛ وفريق معارض يرى أن هذه النهايات تسعى إلى تزييف الواقع وخلق الوهم وتجميل البؤس والفقر والحرمان…

ميلاد فكرة النهاية السعيدة:
رمت الأزمة الاقتصادية لسنة 1929 بكامل ثقلها حتى سميت الفترة بكاملها بالكساد الكبير، متجلية في انتشار الفقر المدقع وعدم اليقين بشأن المستقبل. من هنا ستتولد فكرة “النهاية السعيدة” في السينما، تخفيفا من وطأة الأوضاع القاسية والصعبة، وبسرعة انتشرت في كل بقاع العالم.

ما أراده المشاهدون – على جانبي المحيط الأطلسي – لم يكن أكثر من جرعات من الهروب من واقع مرير، أو على الأقل، هذا ما اعتقده مموّلو الثقافة وصانعو الأفلام آنذاك. وهكذا انتهت القصص الكلاسيكية بطريقة أكثر تفاؤلاً عندما ظهرت على الشاشة الكبيرة؛ وذلك بتحسين الأمزجة ومنح طاقة إيجابية وتخفيف من التوتر واستبدال مشاعر الكرب بأخرى لطيفة، وتعزيز التحرر العاطفي وتنمية الخيال والإبداع والمساعدة على تحديد وتطوير نقاط القوة الخاصة بالفرد، وتوفير موارد وبدائل جديدة، والدعوة إلى الإيمان بإمكانية تحسين الأوضاع. كما تنطوي هذه النهايات السعيدة على أمل كبير في خلق فرصة ثانية…

رأى أصحاب وجهة النظر هاته أن هذه النهايات السعيدة تعزز المرونة (وهي قدرة الأشخاص على التغلب على فترات الألم العاطفي)، والتشجيع على إظهار المشاعر الإيجابية، وبالتالي تقوية جهاز المناعة؛ كما تساعد في تماسك العالم الداخلي للشخص بتفاؤل أكبر. لكن هذا الرأي الأول وجد معارضة شديدة لهذه النهايات السعيدة بكونها تخلق مفاهيم زائفة وغير واقعية، وبأنها محرجة في الأساس، وعلامة على الإفراط في التسويق التجاري، والرضا عن الجانب الأكثر هشاشة للشخصيات تجاه الحياة الواقعية…

ففي فترة الكساد العظيم بأمريكا، نأخذ على سبيل المثال رواية فرانكشتاين (1931).. في الكتاب تزوج فرانكشتاين من زوجته إليزابيث، لكنها قتلت على يد الوحش. وفي وقت لاحق، يقابل فرانكشتاين وفاته في القطب الشمالي. وفي الفيلم، على العكس تمامًا، يجتمع الدكتور فرانكشتاين وزوجته ويعيشان في سعادة دائمة.في رواية “أحدب نوتردام” لفيكتور هوغو، تتمثل النهاية في شنق إزميرالدا، عندما اختار كواسيمودو أن يموت بجانب جسدها.. في نسخة الفيلم (1939)، نجد أن كيلهما قد نجيا.حتى في رواية جون شتاينبك، “عناقيد الغضب”، مع موضوع المعاناة في الأراضي القاحلة، ظهرت النهاية أكثر تفاؤلاً في فيلم جون فورد (1940) وبصورة تفاؤلية.

البطل ينتصر في النهاية:
كانت فكرة قتل البطل في النهاية تبعث برسالة غير مناسبة تمامًا في سياق مأزوم من التاريخ الأمريكي، حيث كان الاكتئاب ينمو في الأرجاء، وكان المواطنون يتطلعون إلى مستقبل أفضل بسبب الكساد الكبير والأزمة الاقتصادية، وكان على السينما أن تجد مخرجا وأن تترك في أذهان الناس تجربة البطل الذي ينتصر على الشر وأوجه البؤس والفقر دون موته مجسدا القيم العليا والمثالية.

وبالتالي، فليس من المستغرب على الإطلاق أن تجد “النهاية السعيدة” في السينما الهوليودية قبولا ورواجا وتصديرها إلى السينما البريطانية، وحتى إلى بعض البلدان غير الناطقة بالإنجليزية، وتصبح شكلا ثقافيا وتمثلا أكثر بقبولها في أكثر السينمات والمدارس السينمائية، واستخدامها سياسيا في أكثر من بلد، وفي تأطير المواطن كعلاج نفسي وقائي من بعض الأزمات، مع بعض الاستثناءات القليلة.

تقدمت فكرة النهاية السعيدة في السينما بشكل كبير، وظهرت مع تطور السينما نهايات سعيدة بطرق مختلفة. ومنذ 1930 أقدم مخرجون قلائل على قتل أبطالهم في النهايات، مع ما يخلفه الموت من وقع في نفسية الجمهور الذي تعود على فكرة انتصار البطل وقهر الصعاب. ومنذ التسعينيات قدم المخرج كوينتين ترنتينو رؤية مغايرة للنهاية السعيدة في فيلم “الرومانسية الحقيقية” بوفاة بطل الرواية، كلارنس، الذي قُتل بالرصاص، لكن في نهاية الفيلم نراه نجا ويلعب مع زوجته وطفله على الشاطئ. والمعنى تقديم نهايتين: نهاية واقعية ونهاية بالحلم.

المأساة تتحول إلى نهايات سعيدة:
في المأساة كثيرا ما تحدث كارثة مروعة من الصعوبة تجنبها، فقد كانت هناك دائما قناعة بأن المأساة يمكن أن تجعل الناس أكثر سعادة، وكان هذا هو الاعتقاد السائد. وهكذا استغلت السينما هذه المسألة وحولتها إلى نهايات سعيدة عوض فظاعات النهاية ومأساويتها.

ونجد أنفسنا بين موقفين، حيث يرى أرسطو أن الدراما المأساوية تنتج المتعة من خلال إثارة المشاعر، لكن نهايات قصص شكسبير كانت قاسية للغاية ومأساوية بشكل كبير بالحضور الدائم لتفشي الطاعون والموت الذي يعصف بالجميع، لكن السينما حولتها إلى نهايات سعيدة.

ولكن هناك دائمًا من يصفون عملية “النهاية السعيدة” بأنها محرجة في الأساس، وعلامة على الإفراط في التسويق التجاري والأنماط الاستهلاكية الرأسمالية، والرضا عن الجانب الأكثر هشاشة للشخصيات في مواجهة الحياة الواقعية. وهناك من يتوقف من المخرجين على نهايات مفتوحة بإيقاف المشهد الأخير في الفيلم، تاركا الأمر مفتوحا على كل احتمال، تخوفا من نهاية قتل البطل ونفور الجمهور من الفيلم وتسويقه التجاري…

لا يؤمن الكثير من النقاد في السينما بفوائد النهاية السعيدة، مركزين على أن هذه النهايات تخلق مفاهيم خاطئة وأوهاما زائفة عن تقدير الواقع بعيون واقعية وعقلانية في مواجهة بؤس الحياة اليومية بتلونها وتعقيداتها.

قد يهمك أيضَا :

الفنان سعيد باي يرفض "النجومية" وينتقد تدبير الإنتاجات السينمائية

محمد حماقي يكشف دخوله عالم السينما بفيلم جديد قريبًا

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النهايات السعيدة في السينما تتأرجح بين تنفيس المعاناة وتزييف الواقع النهايات السعيدة في السينما تتأرجح بين تنفيس المعاناة وتزييف الواقع



النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 21:08 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

الأحداث المشجعة تدفعك?إلى?الأمام?وتنسيك?الماضي

GMT 03:15 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نجاة ممثل كوميدي شهير من محاولة اغتيال وسط بغداد العراقية

GMT 08:02 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

آرسين فينغر الأقرب لتدريب ميلان خلفًا لغاتوزو

GMT 04:11 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

صابرين سعيدة بـ"الجماعة" وتكريمها بجائزة دير جيست

GMT 14:57 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

عمرو الليثي يستضيف مدحت صالح في "بوضوح" الأربعاء

GMT 14:14 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

المدن المغربية تسجّل أعلى نسبة أمطار متساقطة خلال 24 ساعة

GMT 03:21 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

ظروف مشحونة ترافق الميزان ويشهد فترات متقلبة وضاغطة

GMT 06:15 2017 الجمعة ,24 آذار/ مارس

ورم الكتابة

GMT 12:25 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح منزلية لتنظيف وتلميع الأرضيات من بقع طلاء الجدران

GMT 06:32 2017 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مجرد درس مغربي آخر !

GMT 01:26 2016 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

ريم مصطفى تؤكد أنها ستنتهي من "نصيبي وقسمتك" بعد أسبوع

GMT 11:30 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات شعر بها سكان الحسيمة

GMT 22:16 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

سعد لكرو يتعرض لإصابة جديدة خلال تدريباته مع "النصر"

GMT 00:35 2017 الإثنين ,14 آب / أغسطس

متوسط أسعار الذهب في الجزائر الأحد

GMT 06:38 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الأوقاف يوجه مذكرة بوقف نزيف تغيبات الأئمة عن المساجد

GMT 19:11 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

جامعة تبوك تنظم رحلة للطلاب بالتعاون مع برنامج عيش السعودية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib