الدوحة - سناء السعداوي
في تصعيد جديد للأزمة الإقليمية، أعلنت وزارة الخارجية القطرية أن العاصمة الدوحة ستستضيف يوم الإثنين المقبل قمة عربية إسلامية طارئة، لمناقشة تداعيات الهجوم الإسرائيلي الأخير الذي استهدف مباني سكنية تضم قادة سياسيين من حركة حماس على الأراضي القطرية. ويأتي هذا التحرك بعد أيام قليلة من تنفيذ الغارة، التي أثارت ردود فعل دولية غاضبة، ودفعت الإدارة الأمريكية إلى التواصل المباشر مع قطر وإسرائيل لاحتواء الموقف.
وأفاد المتحدث الرسمي باسم الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، أن القمة المقررة تعقد في توقيت يحمل دلالات سياسية واضحة، وتعكس، بحسب قوله، التضامن العربي والإسلامي مع قطر في مواجهة "العدوان الإسرائيلي الجبان"، ورفضًا واسعًا لما وصفه بـ"إرهاب الدولة" الذي تمارسه إسرائيل في المنطقة. وأضاف الأنصاري أن القمة ستناقش مشروع القرار الصادر عن الاجتماع التحضيري لوزراء خارجية الدول العربية والإسلامية، والمقرر عقده يوم الأحد، تمهيدًا لإقرار موقف موحد من التطورات الأخيرة.
في سياق متصل، كشفت مصادر أمريكية أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استضاف في نيويورك رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني على مأدبة عشاء، أعقبت الهجوم الإسرائيلي على الدوحة، الذي وصفه ترامب بأنه "عمل فردي لا يعكس الموقف الرسمي الأمريكي". وأوضحت المصادر أن ترامب أجرى اتصالًا هاتفيًا برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعرب خلاله عن رفض واشنطن لهذه الضربة، مؤكدًا للقيادة القطرية أن مثل هذه العمليات لن تتكرر مستقبلًا.
وشارك في اللقاء المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، وجرى خلال الاجتماع مناقشة مستقبل الدور القطري في الوساطة الإقليمية، والتعاون الدفاعي المشترك، إضافة إلى سبل ضمان عدم تكرار التصعيد. ونشر حمد المفتاح، نائب رئيس البعثة القطرية في واشنطن، تعليقًا عبر منصة "إكس" قال فيه: "عشاء رائع مع الرئيس الأمريكي. انتهى للتو"، في إشارة إلى اللقاء.
في غضون ذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي أن أكثر من 250 ألف شخص غادروا مدينة غزة خلال الأسابيع الماضية، بعد تكثيف الهجوم على المدينة الأكبر في القطاع. وقال المتحدث باسم الجيش، أفيخاي أدرعي، عبر منصة "إكس"، إن الأوامر صدرت بإخلاء المدينة حفاظًا على أرواح السكان، فيما تؤكد منظمات حقوقية أن العمليات العسكرية الإسرائيلية أدت إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة.
وتشير آخر إحصاءات وزارة الصحة في غزة إلى مقتل أكثر من 64 ألف شخص منذ بداية الهجوم الإسرائيلي في أكتوبر 2023، بالتوازي مع نزوح جماعي وتفشي المجاعة في عدة مناطق من القطاع. وتصف منظمات دولية وحقوقية الوضع في غزة بأنه "إبادة جماعية"، بينما ترفض إسرائيل هذا التوصيف، وتؤكد أن هجومها جاء ردًا على عملية السابع من أكتوبر التي شنتها حركة حماس، وأسفرت، بحسب المصادر الإسرائيلية، عن مقتل 1200 شخص وأسر أكثر من 250 آخرين.
في المقابل، تتواصل التحركات السياسية على الصعيد الدولي، حيث اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخرًا "إعلان نيويورك" الداعم لحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. وقد أيدت 142 دولة القرار، في خطوة اعتبرتها مصر "دليلًا دامغًا على دعم المجتمع الدولي للحقوق الفلسطينية المشروعة"، ودعت إلى تنفيذ مخرجات المؤتمر الذي عُقد في نيويورك بمشاركة السعودية وفرنسا.
وفي ظل تزايد التضامن الدولي مع القضية الفلسطينية، شهدت مدينة أوكلاند في نيوزيلندا مسيرة حاشدة وُصفت بأنها الأكبر منذ اندلاع الحرب، بمشاركة ما يقارب 50 ألف شخص وفقًا للمنظمين، الذين رفعوا أعلام فلسطين ولافتات تندد بالعدوان، مطالبين بفرض عقوبات على إسرائيل. ووصفت المتحدثة باسم مجموعة "أوتياروا من أجل فلسطين"، آرام راتا، المسيرة بأنها "صرخة إنسانية ضد الإبادة"، فيما أشارت السلطات النيوزيلندية إلى عدم تسجيل أي حوادث أمنية خلال التظاهرة.
ولا تزال تداعيات الهجوم الإسرائيلي على قطر تلقي بظلالها على المشهد الإقليمي، في ظل تصاعد التوتر السياسي والعسكري، في وقت تبذل فيه أطراف دولية جهودًا لاحتواء الأزمة والحفاظ على استقرار المنطقة.
قد يهمك أيضــــــــــــــا


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر