دمشق - سليم الفارا
تشهد محافظة السويداء في جنوب سوريا تطورات ميدانية متسارعة، في ظل جهود مكثفة لاحتواء الوضع الأمني المتدهور، وتدخلات سياسية إقليمية ودولية تدعو إلى التهدئة والحوار بين جميع الأطراف. فقد فرضت قوى الأمن السورية طوقًا أمنيًا محكمًا في محيط المدينة لتأمينها ومنع تجدد الاشتباكات، في حين بدأت عمليات إجلاء العائلات المحتجزة على خلفية النزاع بين الفصائل المحلية ومجموعات من عشائر البدو، وذلك في إطار اتفاق لوقف إطلاق النار تم التوصل إليه بعد وساطة حكومية.
وبدأت حافلات تابعة للسلطات بإجلاء نحو 1500 شخص من المدنيين الذين ظلوا محاصرين لعدة أيام، ونُقلوا أولًا إلى مناطق أكثر أمانًا في ريف السويداء، ثم إلى محافظة درعا، وذلك بإشراف فرق الهلال الأحمر. وأكدت مصادر أمنية أن هذه الإجراءات مؤقتة وتهدف إلى ضمان سلامة المدنيين وتثبيت الهدوء، على أن تُعاد هذه العائلات إلى مناطق سكنها الأصلية فور استقرار الأوضاع وعودة مؤسسات الدولة إلى أداء مهامها في المدينة.
قائد الأمن الداخلي في السويداء، العميد أحمد الدالاتي، صرّح بأن عملية الإفراج عن عائلات البدو المحتجزين بدأت فعليًا، مشددًا على ضرورة الالتزام بوقف إطلاق النار وفتح المجال أمام الأجهزة الرسمية لإعادة الأمن والاستقرار. كما أشار إلى أن جهود الوساطة التي تبذلها الحكومة تركز على تعزيز المصالحة الوطنية وإنهاء حالة الاحتقان التي أسفرت عن سقوط مئات القتلى والمصابين خلال الأيام الماضية.
من جانبه، أعرب المبعوث الأميركي إلى سوريا، توم برّاك، عن قلق بلاده العميق من الأوضاع في السويداء، مؤكدًا أن الولايات المتحدة تتفاعل مع الأزمة "بقدر لا يصدق من القلق والألم والتعاطف والمساعدة". وأشار برّاك، في مؤتمر صحافي عقده في بيروت، إلى أن الوقت حرج، وأن سوريا تقف عند مفترق طرق حاسم، داعيًا إلى وقف القتل غير المبرر، ووضع حد للأعمال العدائية، والتخلي عن دوامة الثأر، واللجوء إلى الحوار كسبيل وحيد للحل.
وانتقد برّاك بشدة ما وصفه بـ"التدخل الإسرائيلي في سوريا"، معتبرًا أنه جاء في توقيت سيئ للغاية، ويهدد بإشعال مزيد من التوتر في المنطقة. كما أكد أن الحكومة السورية بذلت جهودًا ملموسة في التعامل مع الوضع في السويداء، وأدّت ما تعهّدت به، معتبراً أنها لا تزال في طور التعافي السياسي والمؤسساتي، ولا يمكن تحميلها المسؤولية الكاملة عن الأزمة قبل تمكينها من بسط سيادتها على كامل الأراضي السورية.
وفي الشأن اللبناني، تطرّق المبعوث الأميركي إلى الجمود في جهود وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، مشيرًا إلى أن واشنطن لا تستطيع فرض التزامات على الجانب الإسرائيلي، لكنها تحاول المساعدة في احتواء التصعيد. وأكد أن بلاده تعتبر حزب الله منظمة إرهابية، ولا تنوي الدخول في حوار معه، وأن الحلول للأزمة اللبنانية يجب أن تصدر عن الحكومة اللبنانية ذاتها.
هذه التطورات تأتي في وقت بالغ الحساسية على المستوى الإقليمي، حيث تتداخل فيه النزاعات المحلية مع صراعات النفوذ الدولية، وسط ضغوط متزايدة على جميع الأطراف لتفادي الانزلاق نحو مواجهات مفتوحة، والدفع باتجاه تسويات تضمن استقرار سوريا ولبنان والمنطقة بأسرها.
قد يهمك أيضا


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر