غزة ـ المغرب اليوم
دخل وقف إطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس حيز التنفيذ ظهر الجمعة، مع بدء انسحاب القوات الإسرائيلية من مواقعها في قطاع غزة، في إطار اتفاق تبادل يتضمن الإفراج عن رهائن إسرائيليين مقابل معتقلين فلسطينيين، وسط تطورات سياسية وميدانية متسارعة ترافقت مع بدء تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه بدأ التمركز على خطوط الانتشار المحدّثة ابتداءً من الساعة 12:00 ظهرًا بالتوقيت المحلي، بعد استكمال الانسحاب الأولي من مواقع داخل قطاع غزة، بما في ذلك المحور الساحلي في منطقة نتساريم. وبحسب إذاعة الجيش، فإن انسحاب الدبابات من المحور أتاح لأول مرة منذ شهور إمكانية تنقل السكان الفلسطينيين من وإلى شمال قطاع غزة. وأشار البيان العسكري إلى أن القوات الإسرائيلية ستواصل "إزالة أي تهديد فوري"، محذرًا في الوقت ذاته من أن مناطق عدة في غزة لا تزال "شديدة الخطورة" على السكان.
وتزامن بدء وقف إطلاق النار مع تحركات سياسية لافتة، إذ أعلن المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أن "المرحلة الأولى من الانسحاب الإسرائيلي قد أُنجزت" بحلول ظهر الجمعة، وأن "العد التنازلي لفترة الـ72 ساعة المقررة للإفراج عن الرهائن قد بدأ". وأوضح أن الانسحاب جاء وفقًا لما تم الاتفاق عليه مع القيادة الوسطى للجيش الأمريكي، التي تتابع تنفيذ الاتفاق من كثب.
وبحسب ما أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فإن عدد الرهائن الباقين على قيد الحياة في غزة يبلغ 20 شخصًا، في حين تأكد مقتل 28 آخرين، بينهم جندي وطالب نيبالي، لم يُعلن سابقًا عن وفاتهم. وأعرب نتنياهو عن أمله في أن تحتفل إسرائيل مساء الاثنين بما وصفه بـ"يوم فرح وطني" مع عودة جميع الرهائن. كما أكد أن القوات الإسرائيلية ستبقى في غزة "للاستمرار بالضغط على حماس حتى تلقي سلاحها"، مشيرًا إلى أن حكومته ستعمل على "توسيع دائرة السلام" بعد انتهاء المرحلة الراهنة من النزاع.
ميدانيًا، رُصدت مشاهد لآلاف الفلسطينيين وهم يسيرون على الطريق الساحلي شمال غزة، عائدين إلى مناطقهم بعد شهور من النزوح، تزامنًا مع بدء الهدنة. وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن 17 جثمانًا لفلسطينيين وصلوا إلى مستشفيات القطاع خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع عدد القتلى منذ بدء الحرب في 2023 إلى 67,211 شخصًا.
في سياق متصل، نشرت إسرائيل قائمة تضم أسماء 250 معتقلًا فلسطينيًا من المتوقع الإفراج عنهم ضمن صفقة التبادل، التي تقضي بالإفراج عن كافة الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة خلال مهلة 72 ساعة من بدء تنفيذ الانسحاب. ومن المتوقع أن تشمل المرحلة التالية الإفراج عن نحو 1700 معتقل فلسطيني مقابل بقية الرهائن، في حال استُكمل تنفيذ الاتفاق بنجاح.
دوليًا، تسبب الاتفاق في تغييرات في جدول الأحداث الإقليمية، حيث أعلنت روسيا تأجيل القمة العربية الروسية التي كان من المقرر عقدها في موسكو الأسبوع المقبل، وذلك بسبب انشغال عدد من القادة العرب بمتابعة تنفيذ الاتفاق في غزة. وذكر بيان للكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اتفقا خلال اتصال هاتفي على أن سفر القادة العرب إلى موسكو سيكون صعبًا في ظل الظروف الحالية، مؤكدين أن القمة ستُعقد في موعد لاحق.
ويُشار إلى أن المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، الذي يتولى دورًا مركزيًا في الوساطة، لا يمتلك خلفية دبلوماسية تقليدية، بل هو رجل أعمال ومستثمر مقرّب من الرئيس دونالد ترامب، الذي كلّفه بمهام حساسة في الشرق الأوسط منذ ما قبل تسلمه منصبه. ويتكوف يُعد اليوم من أبرز الشخصيات المنخرطة في السياسة الخارجية الأمريكية، وقد يُكلّف مستقبلاً بأدوار إضافية في ملفات دولية أخرى، وفق ما أفاد به مراقبون.
ومع بدء تنفيذ الاتفاق، يبقى السؤال مفتوحًا بشأن ما إذا كانت بنود وقف إطلاق النار ستُطبق بالكامل في الأيام المقبلة، خاصة ما يتعلق بإدخال المساعدات الإنسانية دون قيود، وضمان تنفيذ صفقة تبادل الرهائن والمعتقلين وفق الجداول الزمنية المحددة.
قد يهمك أيضا


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر