بدأ مئات الفلسطينيين بالنزوح من عدة أحياء في مدينة غزة، مع إعلان الجيش الإسرائيلي بدء المراحل التمهيدية من هجوم بري يستهدف المدينة، التي يقطنها أكثر من مليون نسمة. وأفادت مصادر محلية بأن القوات الإسرائيلية سيطرت على أطراف المدينة، بعد أيام من القصف الجوي والمدفعي المكثف، مما دفع سكان أحياء الزيتون والصبرة إلى الفرار نحو شمال غرب غزة.
وترافق هذا التطور الميداني مع دعوات أممية متجددة لوقف إطلاق النار، حيث حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من "الموت والدمار" الحتمي نتيجة استمرار الهجوم، داعيًا إلى تدخل دولي عاجل لوقف التصعيد.
وأعربت مصر، في بيان صادر عن وزارة الخارجية، عن "استهجانها الشديد" للسياسات الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية، معتبرة أن الاستمرار في "الجرائم الممنهجة" ضد المدنيين، والتخطيط لتهجير السكان، سيؤدي إلى تأجيج الوضع المتأزم، ويعكس تجاهلًا للجهود الدولية الرامية للتوصل إلى هدنة وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية.
وفي غضون ذلك، قُتل عشرة فلسطينيين على الأقل، وأصيب آخرون، بينهم ثلاثة من منتظري المساعدات، في غارات إسرائيلية على حي التفاح وشارع صلاح الدين ومدينة خان يونس، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية.
وفي السياق ذاته، يستعد المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي المصغر لعقد جلسة اليوم لمناقشة الخطط العسكرية الرامية إلى السيطرة الكاملة على مدينة غزة، ضمن ما يسمى بعملية "مركبات جدعون 2".
وأشارت تقارير صحفية إسرائيلية إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتجه للمصادقة على الخطة، في وقت تواصل فيه إسرائيل ما وصفته بـ"التفاوض تحت النار" بشأن المقترحات الدولية لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته بدأت العمليات التمهيدية في منطقتي الزيتون وجباليا، تمهيدًا لهجوم واسع النطاق وافق عليه وزير الدفاع يسرائيل كاتس.
وتستعد إسرائيل لاستدعاء نحو 60 ألف جندي احتياط في أوائل سبتمبر، لإتاحة المجال أمام القوات النظامية لتنفيذ العملية العسكرية في عمق المدينة.
وأعلنت حركة حماس أن نتنياهو يواصل "حربًا وحشية ضد المدنيين الأبرياء"، متهمة إياه بتجاهل مقترحات وقف إطلاق النار التي قدمها وسطاء إقليميون.
ولم تقدم إسرائيل حتى الآن ردًا رسميًا على تلك المبادرات.
وفي خضم هذه التطورات، حذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أن الخطة الإسرائيلية "لن تؤدي إلا إلى كارثة لكلا الشعبين"، معرّضًا المنطقة بأسرها لخطر التصعيد المستمر، فيما عبّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن قلقها البالغ من تفاقم الوضع الإنساني في غزة، ووصفت تكثيف القتال بأنه "أمر لا يُحتمل".
وأكدت اللجنة أن السكان في غزة يعانون من تدهور شديد في الوصول إلى المياه النظيفة والرعاية الصحية والطعام، محذّرة من تدهور متسارع في أمن العاملين في المجال الإنساني، الذين تتضاءل قدرتهم على العمل ساعة بعد أخرى.
في سياق متصل، وجّه 17 عضوًا في مجلس الشيوخ الأمريكي، من بينهم السناتور المستقل بيرني ساندرز، رسالة إلى وزير الخارجية ماركو روبيو، طالبوا فيها واشنطن بالضغط على إسرائيل للسماح بدخول الصحفيين الدوليين إلى قطاع غزة، وحماية حرية الإعلام، بعد مقتل ستة صحفيين في غارة إسرائيلية، من بينهم أنس الشريف وثلاثة من زملائه في قناة الجزيرة.
وأكد المشرعون أن إسرائيل لم تقدم أي دليل يثبت أن الصحفيين كانوا أهدافًا مشروعة، محذرين من أن استهداف الصحفيين قد يشكل انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي، وأن تقييد حرية التغطية الإعلامية في غزة يمسّ بالمصداقية الأمريكية ويمثل تقويضًا لحقوق الإنسان.
وتستمر الحرب في غزة منذ 22 شهرًا، دون أفق واضح لحل سياسي، وسط تصاعد العمليات العسكرية وموجات النزوح، وتحذيرات دولية من كارثة إنسانية متفاقمة في القطاع المحاصر.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر