أثار مؤتمر "وحدة الموقف لمكونات شمال وشرق سوريا" الذي عُقد يوم الجمعة بمدينة الحسكة السورية الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) خلافاً كبيراً بين "قسد" والحكومة السورية التي قررت عدم المشاركة في مفاوضات باريس مقررة هذا الشهر بين الجانبين فهل ستجمد هذه الخلافات آلية التفاوض أو سيستأنف التواصل من جديد؟
وفي السياق، اعتبر محلل سياسي مقيم في دمشق أن مؤتمر الحسكة "عرقل" اتفاق العاشر من مارس/آذار المبرم بين القائد العام لقسد مظلوم عبدي والرئيس السوري أحمد الشرع، والذي نص على "دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال وشرق سوريا، ضمن إدارة الدولة مع ضمان الحقوق الدستورية للأكراد وغيرهم من المكونات السورية"، إلى جانب بنودٍ أخرى تتعلق أبرزها بحقول النفط والغاز وبإعادة المهجّرين ونبذ الكراهية ورفض دعوات التقسيم.
وقال المحلل والباحث السياسي، رضوان الأطرش، إن "العراقيل بشأن تطبيق اتفاق مارس تتزايد وأبرزها مؤتمر الحسكة الذي ضم شخصيات سياسية ودينية مثل حكمت الهجري واعتبرت دمشق أنه يشكل ضربة لجهود التفاوض الجارية بين الجانبين واستخفافاً باتفاق 10 مارس خصوصاً بسبب طرح المؤتمر لأفكار كالنظام اللامركزي".
كما أضاف أن "الحكومة وصفت المؤتمر بأنه تحالف هش مدعوم خارجياً وغريب عن إطار المشروع الوطني الجامع، ودعت إلى الالتزام بالاتفاق المبرم ونقل التفاوض رسمياً إلى دمشق".
وتابع الأطرش قائلا: "في المحصلة العراقيل بين الحكومة وقسد تكمن في التباين الجوهري حول شكل الدولة وآلية تطبيق الاتفاق، حيث ترفض دمشق أية خطوات خارج الإطار الدستوري والاستفتاء الشعبي. وقد أعلنت رسمياً عن انسحابها التام من المفاوضات والاجتماعات المقرر عقدها في باريس، رداً على مؤتمر الحسكة وتداعياته".
كذلك رأى أن "المفاوضات بين الحكومة وقسد قد تستأنف شريطة أن تكون في دمشق وأن تتراجع قسد عن ما طُرِح في مؤتمر الحسكة".
لكن مدير المركز الكردي للدراسات نواف خليل اعتبر أن "تأجيل لقاء باريس سبق مؤتمر الحسكة وقد نقل موقع المونيتور قبل أيام عن مصادر أن الجانب التركي رفض لقاء باريس، ولهذا تستخدم الحكومة الانتقالية مؤتمر الحسكة كذريعة لعدم المشاركة في هذه المفاوضات".
وقال خليل إن "الحكومة الانتقالية لم ترحّب في السابق بمخرجات المؤتمر الكردي في أربيل رغم أنه كان يجب أن تفعل ذلك، فهي على سبيل المثال كانت ستتفاوض مع طرف كردي واحد بسبب عقد هذا المؤتمر عوضاً عن التفاوض مع عدة أطراف".
كما اعتبر أن "الحكومة الانتقالية إذا كانت جادة بالفعل لبناء سوريا، فعليها أن تبعث رسائل طمأنينة للجميع"، مضيفاً أن "الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا رغم كل ما حصل لا تزال على موقفها فيما يتعلق بالحوار مع الحكومة، حيث لا بديل عن الحوار".
وكانت دمشق قد أعلنت أمس السبت انسحابها من مفاوضات باريس التي كانت ستعقد هذا الشهر، وذلك موفق ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن مصدرٍ مسؤول من دون أن تذكر اسمه.
لكن مصدراً فرنسياً وآخر عسكرياً من "قسد" كشفا أن قوات سوريا الديمقراطية لم تتلقّ بعد أي إخطار رسمي بانسحاب الحكومة من المفاوضات معها.
يذكر أن 400 شخص بينهم سياسيون وقادة عشائر ورجال دين كالشيخ محمد مرشد الخزنوي والزعيم الروحي لطائفة الموحّدين الدروز الشيخ حكمت الهجري ورئيس "المجلس الإسلامي العلوي الأعلى" غزال غزال، كانوا شاركوا في مؤتمر الحسكة.
إلا أن اسم غزال أثار ردود فعل شاجبة من قبل العديد من السوريين، بينهم مسؤولون وإعلاميون وناشطون، متهمينه بالارتباط بالنظام السابق.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر