دمشق-سانا
الثقافة هي أحد أركان الحضارة المعنوية المتمثلة بالعقيدة والأفكار والتقاليد واللغة وسواها بحسب الدكتور الباحث أدهم شقير كما أنها تخص أمة بعينها دون سواها وتمد شخصيتها بما يميزها. وأضاف شقير في حوار خاص لـ سانا.. أن الثقافة تختلف عن المدنية التي تعني الجانب المادي من الحضارة كالمباني والمنجزات الصناعية ووسائل النقل والمواصلات والمساكن والملابس التي يستعملها الإنسان في حياته موضحا أن المدنية هي ملك لجميع البشر. وبرأي شقير فإن الواقع فرض تقدم أنماط من الثقافة وتراجع أخرى ففي المجتمعات الاستهلاكية وصل اهتمام الناس بقوتهم اليومي والأشياء المعيشية إلى حد يفوق أي اعتبار آخر ما دفع بمعظم الأفراد إلى التفكير بالهم الخاص الشخصي بشكل كبير وتراجع التفكير بالشأن العام. هذه الأسباب مجتمعة أدت كما اعتبر شقير إلى ظهور أشكال فكرية غريبة مثل مسرح العبث والخيال العلمي نتيجة للعولمة والسرعة في الاتصالات والسعي باتجاه السهل مما أفرز ثقافة جديدة تجلت باتجاه الناس نحو الانفلات من أي قيود سابقة متوارثة والتغيير الذي يدعو إليه البعض ولكن دون ضوابط. وتتركز دعوة شقير لمعالجة الخلل الذي أفرزته الأزمة فيما يخص دخول ثقافات غريبة على المجتمع السوري وانسياق مثقفين سوريين وراءها والعمل على تسليط الضوء باتجاه التراث الذي يمتلكه الشعب السوري وتقديمه كثروة يمكن الاستفادة منها والبناء عليها وتعزيز قيم وثقافة المحبة والتعاون والتسامح ليتمكن من تجاوز ما ألم به وإيجاد قواسم كبيرة وجميلة توحد الناس ولا تفرقهم. وشدد شقير على أهمية الاستراتيجية الموضوعة من قبل الجهات التشريعية والتنفيذية ومحاولة مقاربتها مع خصوصيات المجتمع المستهدف وشرائحه المختلفة لبناء سورية ومستقبلها الثقافي والسعي لبناء إنسان سوري متمكن معرفياً واخلاقياً ومتحرر من الجهل والفقر والاستغلال ضمن مجتمع حيوي حضاري منسجم ومنفتح على ثقافة الآخر مستفيداً من تراثه لتحقيق نهضته. هذه الخطوات بحسب شقير ستساهم في بناء سورية المستقبل كدولة فاعلة في إقليمها جغرافيا وإنسانياً تلعب دور النموذج الثقافي والفكري واستثمار المعرفة ومخرجات العلم في خدمة الإنسان. وعن رأيه بالمصالحات الوطنية بين شقير ان الدور الأكبر للثقافة هو في مرحلة بناء الثقة وتقويتها حيث تحتاج إلى الصدق كوسيلة تواصل بين الناس ما يعطي لوسائل الإعلام دورا بالغ الأثر كأداة تثقيفية مهمة في المجتمعات تستطيع بإمكانياتها مع وجود قائد مثقف وصادق تجاوز الآلام والعبور نحو مجتمع جديد وفق عقد اجتماعي نابع من الواقع بصدق وإخلاص. ويحاول الباحث شقير من خلال المطالبة بتنويع الخطاب الإعلامي تحقيق جاذبية في الشكل والمضمون بين الإعلام والمجتمع وترسيخ ثقافة المواطنة والمساواة والوصول بالرسالة الإعلامية الثقافية إلى أهدافها المرجوة ووضع خطط لنشر الوعي الديني الصحيح ومحاربة الوعي الديني المشوه وتعميق الانتماء الوطني مقابل الانتماءات الطائفية والمذهبية والولاءات الضيقة. كما أن تنويع الخطاب الإعلامي يتطلب تحصين الإعلاميين وحل مشاكلهم وتوفير كل مستلزمات الصناعة الإعلامية بين يديهم منعا لاختراقهم وإقامة مدارس إعلامية ومراكز متخصصة بالدراسات الإعلامية واستطلاعات الرأي لتقديمها إلى صانع القرار ما سيؤدي مستقبلا لصنع مشروع إعلامي متكامل يعيد بناء سورية بناء وطنيا وتجنب أخطاء ما قبل الأزمة. ويختتم شقير بالإشارة إلى ان الدور الهام لوسائل الإعلام في تطوير المجتمع يعتمد على وجود استراتيجية إعلامية واضحة تواكب العلم والتطور وتعتمد على اختيار الكوادر والإدارات وفق منهجية وتخطيط واستعانة بالكفاءات والخبرات لكي يساهم الإعلام بترميم ما تهدم بالنفوس والبنى الاجتماعية والتحتية.


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر