الحرب تعيد الحياة إلى الأحياء الدمشقية الصغيرة
آخر تحديث GMT 19:39:50
المغرب اليوم -

الحرب تعيد الحياة إلى الأحياء الدمشقية الصغيرة

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - الحرب تعيد الحياة إلى الأحياء الدمشقية الصغيرة

دمشق - أ.ف. ب

على رغم الاحداث الدامية في سورية، أصرت ربى على اقامة حفل زفافها مكتفية بدعوة المقربين اليها الى غداء في مطعم في الحي الذي تقطنه في وسط دمشق، ما يسمح لمدعويها بالحضور والعودة باكراً الى منازلهم بسبب الظروف الامنية الصعبة التي تشهدها أطراف العاصمة. وربى هي واحدة من الآلاف من سكان دمشق الذين باتوا يعيشون على وقع الأحداث الأمنية المحيطة بهم، رغم انهم في منأى نسبياً عن اعمال العنف المدمرة، فينظمون حياتهم في أضيق رقعة ممكنة لتجنب التعرض للاخطار الامنية المحيطة، ورغم الحرب، يصرون على المضي قدماً في حياتهم. وتقول ربى التي لبست ثوباً ابيضاً للمناسبة وبدت سعيدة جداً رغم غصة دفينة لم تستطع اخفاءها: «تنتظر الفتاة هذا اليوم لتقيم حفلة تدعو اليها جميع أفراد أسرتها وأصدقائها، لكنني اكتفيت بدعوة المقربين لتناول الغداء ليتمكنوا بعد ذلك من العودة باكراً» الى منازلهم. ويقيم عريسها في منطقة بعيدة نسبياً وتشهد توتراً امنياً. ولم يتمكن عدد من المدعوين من الحضور، لا سيما المقيمين منهم في الريف «بسبب صعوبة التنقل» في ظل انتشار حواجز التفتيش واشتداد العمليات العسكرية في بعض احياء العاصمة وفي ريفها. وتضيف ربى بحسرة «ستكون حفلة مقتضبة تخلو من الموسيقى»، مشيرة الى ان «الوقت والظروف ليست ملائمة» لحفلة كبيرة... «لكن الحياة لا تنتظر». قبل الأزمة، كان الاحتفال بليلة الزفاف في سورية يقضي بأن يقوم العروسان مع اصدقائهم واعضاء من العائلة بجولة في عدد من احياء المدينة بالسيارات المزينة، مطلقين العنان لأبواق السيارات قبل وصولهم الى صالة الافراح حيث يحتفلون حتى ساعات الصباح الأولى. وتستقبل العروسين عادة عند مدخل الصالة التي يقام فيها العرس فرقة موسيقية (العراضة الشامية) تقوم بعروض فنية وتطلق الاهازيج متمنية للعروسين حياة سعيدة. وفرض وقع الحياة الجديد نفسه ايضاً على المهندس طلال (52 عاماً) القاطن في ضاحية دُمّر، فصار يشتري احتياجات الأسرة في طريق العودة من عمله «كي لا اضطر لمغادرة المنزل مساء». ويشكو هذا المهندس من عدم قدرته على التجول كما اعتاد في السابق والخروج مساء مع اصحابه او «زيارة الاهل كالعادة كل يوم جمعة»، علماً ان اهله يقيمون في حي غير بعيد عنه، لكن يفصل بين المنطقتين حاجز امني يمضي عليه المواطنون احياناً اكثر من ساعتين بسبب اجراءات التفتيش والتدقيق. ويقول طلال ان احياء دمشق اصبحت عبارة «عن مربعات امنية يتحصن قاطنوها فيها مكتفين ذاتياً». وتؤكد ذلك منيرة التي كانت تخرج مع اسرتها الى منتزهات الريف في ايام العطل الاسبوعية. وتقول «لم يعد بامكاننا الخروج بسبب الاوضاع الامنية التي تشهدها المصايف». وتتحسر ربة الاسرة على «ايام الغوطة» في ريف دمشق، عندما كانت العائلة تقصدها في موسم تفتح ازهار فاكهة المشمش التي تشتهر بها العاصمة وريفها وتنتشر زراعتها في منطقة الغوطة. وتشهد الغوطة عمليات عسكرية دامية ويتردد صدى الانفجارات الناتجة من القصف والمعارك فيها في ارجاء العاصمة وتدل اليها اعمدة الدخان الاسود الكثيف المتصاعدة منها. وأشارت منيرة الى ان سكان دمشق «اصبحوا يكتفون بالخروج ضمن نطاق احيائهم للترويح عن انفسهم او لتأمين حاجياتهم». والى جانب المخاوف الأمنية من سقوط قذيفة او وقوع انفجار هنا او هناك، تساهم حواجز التفتيش التي تقيمها القوى الامنية، لا سيما عند مداخل المدينة ومفارق الطرق الرئيسية، في ثني المواطنين عن التنقل الا للضرورة، بسبب الاختناقات المرورية. ويقول المساعد اول ابو علي لوكالة «فرانس برس» بعد ان قام بالتدقيق في هوية احد السائقين وتفتيش صندوق سيارته بالقرب من جسر الثورة في وسط العاصمة، «صحيح ان الحواجز تتسبب ببطء في حركة السير (...) لكن الامر بالدرجة الاولى وجد لاحلال الامن وسلامة المواطن». الا ان احدى السائقات التي تأخرت ساعات عن مقر عملها ترى ان «الحواجز قطعت اوصال المدينة، ولم تمنع قذائف الهاون من السقوط والسيارات المفخخة من الانفجار». واستهدفت هجمات عديدة بالسيارات المفخخة او بقذائف الهاون في الاشهر الاخيرة مباني حكومية وامنية واحياء في العاصمة، ما اسفر عن مقتل عشرات الاشخاص ووقوع خسائر مادية كبيرة. نتيجة ذلك، دبت الحياة في الاحياء الصغيرة، علماً ان مشهد المساء في شوارع دمشق يختلف تماماً عن مشهد الصباح، اذ تقفر الطرق، ويلازم الناس بيوتهم. وأصبح من يصر من سكان دمشق على ممارسة الرياضة بعد عودته من عمله، يختار اقرب ناد رياضي من منزله. وازدهرت مقاهي الاحياء التي كان يقاطعها الزبائن في مثل هذا الوقت من السنة. ويقول غسان، مدير مقهى في حي القصور يبعد مئات الامتار عن حي جوبر (شمال شرق) المشتعل بالاشتباكات اليومية، انه «نتيجة صعوبة التنقل ورغبة الناس في تغيير اجواء الضغط التي يعيشونها، يقدمون على اختيار المقاهي القريبة من منازلهم للترويح عن أنفسهم». ولا يخفي هذا الشاب سعادته وهو يرى مقهاه شبه ممتلئ. ويقول «كان الناس يحجمون عن الخروج الى مقاهي الحي ويفضلون عليها المتنزهات خارج المدينة. اما الآن فالامر مختلف». ويضيف: «هذا مؤشر على الرغبة في الحياة التي يتمتع بها الشعب السوري».

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحرب تعيد الحياة إلى الأحياء الدمشقية الصغيرة الحرب تعيد الحياة إلى الأحياء الدمشقية الصغيرة



النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 12:24 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحمل السبت26-9-2020

GMT 07:07 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

شائعة تبعد "مقالب رامز" عن بركان في الفلبين

GMT 19:46 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

البرلمان المغربي يصادق على مشروع قانون المالية لسنة 2020

GMT 12:54 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواصفات برج القوس ووضعه في حركة الكواكب

GMT 11:02 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

غاريدو يحمل فتحي جمال مسؤولية مغادرته للرجاء

GMT 00:38 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

سيدة ميتة دماغيًا منذ أربعة أشهر تنجب طفلة سليمة

GMT 00:01 2019 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

فان دايك يتوج بجائزة أفضل لاعب في إنجلترا

GMT 00:16 2019 الأحد ,07 إبريل / نيسان

أمل الفتح يتوج بطلا ويحقق الصعود

GMT 01:30 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

بيع أوّل نسخة في العالم من "تويوتا سوبرا GR"

GMT 01:30 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

تعرفي على أفكار لحديقة الزهور ولمسة من الجمال
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib